الجمعة، 13 أبريل 2012

العالم الافضل ..

[مؤثّرات صوتيّة]
The Hot Gates by Tyler Bates on Grooveshark

--------------------
استيقظ صباحا على صوت المنبّه، عيناه منتفختان فنومه لم يكن الاّ لساعتين، فقد قضّى ليلته يدردش في المواقع الاجتماعيّة، و اليوم لديه امتحان، اذا لا بدّ من الذّهاب.
ارتدى ملابسه على عجل، ألقى نظرة سريعة على هندامه و حافظة نقوده ليتأكّد من وجود سعر السّجائر، و خرج مسرعا يحثّ الخطى في اتّجاه محطّة الحافلة المكتظّة، وجوه بائسة لا حياة فيها، نظرات خاوية، أشعل آخر سيجارة بقيت له من الأمس، استنشق مع دخانها الجوّ الكئيب المحيط به، و هو يتأمّل فالطريق الّذي تأتي منه الحافلة، كم يكره هذه الحافلة، يكره مجيئها و ذهابها، يكره صاعديها و نازيليها، يكره هذه الوجوه المحيطة به، يكره عندما حيّاه ابن "حومته" بصفعة على قفاه "مازحا" كادت رقبته أن تنخلع لها، و لم يكتفي بذلك بل و أطلق معها ضحكة ساديّة، و بدأ يتحدّث معه عن دربي العاصمة، و عن الحكم الذي ... و .. و ..، لم يكن يستمع اليه فكلامه لا يهمّه، هو من يدرس الفلسفة و يقرأ لأفلاطون و ديكارت، و فجأة التمعت في ذهنه فكرة عندما تحدّث الآخر عن الطّقس الذي بدأ يسخن و موسم البحر القادم، قرّر أن يذهب الى البحر، فهو في جميع الحالات لم يدرس للامتحان
ألقى تحيّة سريعة على ذلك الشّخص، و اتّجه نحو البحر الذي لا يبعد سوى كيلومترات قلال، اشترى السّجائر في الطّريق، بالرّغم من انّه يكره هذه النّوعيّة، لكن ما باليد حيلة، وصل الى الشّاطئ الفارغ، اختار مكانا ظليلا و جلس، أشعل سيجارته، أخذ نفسا عميقا، و أخرجه أعمق، يحمل هموم البشريّة جمعاء ..
آلاف التساؤلات في رأسه..
لما بقوم البشريّ منّا بهذا ؟
ينام متأخّرا ليرغم نفسه على الاستيقاظ باكرا..
يدخّن ليشتكي من آلام صدره فيما بعد..
يقترض الدينار و الاثنين ليشتري بها سجائر مكتوب عليها انّها تصيب بالسّرطان .. هل سيقرضه أحد ما لمداواة السّرطان ؟
ينفث الدّخان في وجه الآخرين، و يكره نظراتهم عندما يقوم بذلك..
ينعت من يعرفهم بشتّى الالقاب المخزية، و يكره من يقوم بنعته..
يعتدي هو و ابناء حيّه على ذلك الفتى الضّغيف و يأخذون ماله، و يضحكون ملئ أشداقهم .. ماذا لو انقلبت الادوار ؟
يدمّر جسده بشتّى انواع الشّراب و المخدّرات، بحثا عن حلول لمشاكل لا توجد أصلا الا في ذهنه..
لا يدرس ثمّ يتذمّر من الاساتذة..
لا يفشي السّلام و لا يبتسم في وجه الآخر ثمّ يكره نظراتهم الخاوية..
يحبّ الشّخص الخطأ او هكذا صُوّر له ثمّ يلعن الحبّ و يُعلن انّ الرّجال/النّساء كلّهم سواء ليدخل في علاقة أخرى بعد اسبوعين..
يجعل من الآخر عدوّه ثمّ يقول انّ الجحيم هم الآخر..
ماذا لو أحبّ كلّ منّا لاخيه ما يحبّه لنفسه ؟ ماذا لو ..

انتهت سجائره و احترق مخّه مع تلك اللفّائف في التفكير في كلّ هذه المفارقات
عالم يُنشد الافضل، لكنّه لا يسعى للأفضل
عالم يعرف الافضل، لكنّه لا يفعل ما يراه الافضل

ثمّ من يحدّد الافضل ؟ 

لكنّ الاجابة على هذا السّؤال تستلزم منه علبة سجائر أخرى ..














EoF.

هناك 15 تعليقًا:

  1. السلام عليكم
    مقتنعة انه كل من يدرس الفلسفة بعمق يقترب أكثر من الحقيقة أو يجد الإجابات لأسئلة طالما استعصت عليه لكن من يدرس الفلسفة بسطحية تزيده ضياعا و بعدا عن الجادة .

    ملاحظتين
    * الفلسفة تفكير يعني حتى إذا ما راجعتش كنت تنجم تمشي للامتحان و تكتب ما يمليه عليك عقلك (خير من انك تهرب جملة)
    * لماذا كل هذا التحامل على الآخر أولا و على الأنا؟
    ان تدرس الفلسفة لا أن تنظر للأخر باستعلاء :)
    نصيحة : سيب عليك مالدخّان :)

    ردحذف
    الردود
    1. @Chimère :
      و عليكم السّلام و رحمة الله و بركاته ^^

      اوّلا مرحبا بيك في مدوّنتي المتواضعة، شرّفتني زيارتك

      اما بعد، موافقك الرّأي، فقليل من العلم يُبعد عن الحقّ، و الغوص فيه فيه يرجعك اليه

      اما بالنّسبة ال ملاخظاتك :
      *الامتحان ما كانش امتحان فلسفة، مادّة تستوجب تحضيرات (تاريخ)
      *ليس تحاملا، بل هي مخلّفات الحياة القاسية في قلب الواحد منّا، ردود أفعال يخطّها فينا الواقع المعيش يصعب التخلّص منها
      و الاستعلاء كان على الافكار و ليس على الاشخاص في حدّ ذواتهم

      شكرا عالنّصيحة لكن مكره أخاك لا بطل :)

      و أشكرك جزيل الشّكر على التعليق الذي أسعدني جدّا (مش ياسر العباد الذين يرمي بهم القدر في هذه المدوّنة ^^)

      حذف
  2. السلام عليكم

    كمّلت القراءة قبل ما توفى المؤثّرات الصوتيّة =p

    أوّل ما بدا يفكّر بطل القصّة حسّيت اللي الأخ عدمي نوعا ما
    مبعد بديت نفهم الوين يحبّ يوصل : "أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك"

    من يحدّد الأفضل؟
    لا توجد إجابة في عالم الشهادة النسبي و المقيّد بمعرفة نسبيّة منقوصة
    لدينا إجابة مطلقة بمعرفة مطلقة تامّة، فهل من مُذَّكِر؟

    ردحذف
    الردود
    1. @Deceazed Fella :
      و عليكم السّلام و رحمة الله و بركاته ^^

      شرّفتني زبارتك مرّة أخرى (القصّة الاخرى ما لقيتهاش وقت بش نكمّلها رغم انّه الافكار موجودة)

      و كان عالمؤثّرات اخترتها اعتباطيّا ما قستش الوقت P:

      "لدينا إجابة مطلقة بمعرفة مطلقة تامّة"
      المطلق عند فرد ما ليس مطلقا عند آخر، فالمطلق نسبيّ
      بالرّغم من اعتقادي أنّنا فُطِرنا كلّنا لتقبّل تلك الحقيقة المطلقة، لكنّنا خُلقنا أيضا أحرار لنؤمن بها أو ننكرها (اما استعلاء أو خطأ او لأسباب أخرى)
      ثمّ لا يمكن لأحد غير كامل، يخطأ و يصيب أن يدّعي انّه أصاب عين الحقيقة المطلقة، بل نقترب منها بنسب مختلفة
      نحن في هذه الحياة في رحلة بحث مستمرّة عن الحقيقة

      اذا "لا توجد إجابة في عالم الشهادة النسبي و المقيّد بمعرفة نسبيّة منقوصة"، فمن يقدر على اقناع الآخرين بما يؤمن هو من يحدّد الأفضل، هذا نظريّا، اما عمليّا الأقوى هو من سيُصبح "الافضل"

      حذف
    2. ربّي يبارك فيك

      هاك كيما حالتي تبدا في قصص و ما تكمّلهاش =D

      حسب رأيي، المطلق ليس نسبيّا لكن كيما قلت انت فهمنا للمطلق هو النّسبي
      اقترحتُ نموذجا هو في اعتقادي مطلق و يحدّد الأفضل، و فهم هذا النموذج حسب رأيي ماهوش صعيب كان ترجع للكلمات اللي قبل "فهل من مذّكر"

      بالنسبة لنقطة الايمان و المكابرة، موافقك فيها، و موافقك كذلك في قولك أنّه الانسان في رحلة بحث مستمرّة عن الحقيقة و لا أعتقد أنّه باش يوصللها إلاّ بسلطان

      لكن ما نوافقكش كيف تقول الأقوى هو من سيصبح الأفضل، الأقوى حسب رأيي هو من يضع المعايير فقط، مثلا فرعون كان الأقوى لكنه لم يكن الأفضل
      أظنّ أنّ الأفضل هو الأقوى بالضرورة

      شرّفني في المدوّنة، نتصوّر تلقى حاجة تعجبك ^^

      حذف
    3. @Deceazed Fella :

      و فيك بارك الله

      الله غالب ساعات تحضر الافكار و تغيب الكلمات و الرغبة، ولا يغيب الوقت (وقتها بالشّماتة تجيني الرغبة بش نكتب)

      موافقك، كلامي فقط ماكانش واضح ياسر، فالمطلق موجود، لكنّ ادراكنا/فهمنا البشري لهذا المطلق هو النّسبي

      اما عالجملة قبل "فهل من مذكّر"، يمكن ما فهمتهاش كما يجب ؟

      الافضل حطّيتها بش ضفرين بمعنى انّ الاقوى ليس الافضل بما تعنيه الكلمة، لكنّه هوّ من سيحدّد القِيم التي سيُقال عنها انّها "الافضل"
      و لا اوافقك انّ الافضل هو الاقوى، فبعد الرُّسل عليهم السّلام، الأقوى، أصحاب السّلطة و الجيوش و المال و الجاه و التأثير و الشّهرة على مرّ التاريخ لم يكونوا في أغلبهم الأفضل (بالطّبع أتحدّث عن الأفضل من ناحية القيم التّي حدّدها الاسلام)
      قد يكون من هؤلاء الذين ارتقوا درجات نحو الأفضليّة هم العلماء و المفكّرون الاحرار، لكنّهم لم يكونوا الأقوى


      زرتها المدونة هالنهارين اما ما لقيتش وقت بش نقرأ التدوينات، ان شاء الله في القريب العاجل نقراهم ^^

      حذف
    4. اي من أكبر المشاكل في الحوار هي المصطلحات =D
      بالنسبة لمفهوم الأفضل متّفق معاك فيه

      الكلمات اللي أشرتلها هي "معرفة مطلقة تامّة"
      حسب رأيي الفهم الخاطئ ينتج في العادة عن غياب المعطيات بحيث يخفى عن الانسان جزء من الكلّ

      و مرحبا بيك يا خويا ^^

      حذف
    5. @Deceazed Fella :

      وهو كذلك، ساعات يبدوا زوز أشخاص متّفقين على نفس الشيّ في جوهره و يتعاركوا على خاطر كلّ واحد يستعمل في مصطلح

      متّفق معاك في هذي، اما هل الانسان او البشرية فادرة في يوم من الايام على الاحاطة بالكلّ ؟

      و بيك أكثر ^^

      حذف
    6. للإجابة على سؤالك، كيما تفاهمنا مالأوّل بالكلّ أنّه الانسان لا يمكن أن يدرك المعرفة المطلقة
      لكنّي أرجو من الله ألاّ نجتمع على ضلالة

      حذف
    7. @Deceazed Fella :

      و هو كذلك ^^

      الحوار كان شيّقا معك =)

      حذف
    8. شعور متبادل أخي ^^
      بارك الله فيك

      حذف
  3. انا فكّرني بــ Meursault متاع L'étranger :p

    @صاحب التدوينة :)
    العفو أخي..هو عادة فمة ناس تمر لكن مش الكل يشاركوا :)
    ملاحظة أخيرة لن تمر بعذر من نوع مكره أخاك لابطل :/ (نزيد شوية نعملك محاضرة طويلة عريضة في مضار التدخين اكيد تعرفهم ) آما يا عم "و أنفقوا في سبيل الله و لا تلقوا بأيديكم الى التّهلكة و أحسنوا إنّ الله يحب المحسنين " (1- انفاقك في مضرتك يعني أبعد ما يكون عن سبيل الله ، 2 - انتحار بطيئ يعني أتيت ما تنهي عنه الآية 3-الإحسان للغير لكن من باب أولى أن تحسن لجسمك ، لصحتك)

    ربي يهدينا و إيّاكم
    C'était un plaisir de te lire ^^

    ردحذف
    الردود
    1. @Chimère :

      الاحصائيّات متاع المدوّنة تقول انّهم مش ياسر :(

      ردّا على ملاحظتك، نعرف الاجابة متاعي كانت من نوع "سِبْلة"، اما فالحقيقة التدخين عندي مرّة فالفال، و أعرف مضارّه جيّدا، اما فالتدوينة كان بالصّفة الشّرهة هاكي للضّرورة القصصيّة P: و ابراز المفارقة بين الفِكر و الفِعل (فالبطل يتساؤل عن جدوى التدخين و هو يدخّن)

      و نشكرك على نصيحتك، في حدّ ذاتي بش نبطّلهم آكل مرّة فالفال ^^

      آمين

      و المتعة كانت لشخصي ^^

      حذف
  4. ديجا انتَ ماكش ناشط ، دونك طبيعي :p

    نشجعك على تبطيل المرة في الفال و من منطلق مقولة The world is changed by examples not by opinions
    نعطيك مثال عمي الي زادة يتكيف في المناسبات مؤخرا شُخّص بسرطان المعدة و هاو عمل عملية و يعاني و من جملة الأسباب أكا المرة في الفال ( نعرف شريرة اني نعطيك مثال كهذا لكني من المؤمنين انو العلاج بالفجعة ينفع احيانا 3:) ..)
    بون شونس في التدوين و في تبطيل التدخين :)

    ردحذف
    الردود
    1. @Chimère :

      غلبتني xD
      مشاكل وقت و عدم رغبة

      وهو كذلك، بالرّغم انّها المقولة تمشي في اتّجاه الامثلة الخايبة كيما الباهية

      عافانا و عافاكم الله، ربّي يفرّج عليه عمّك ^^

      و جازاك الله كلّ خير أخت شيميرى

      حذف